هل روى المنافقون عن رسول الله، فيكون في الإسناد منافق، وهذا مخالف لشرط صحة الحديث؟!
*فائدة عزيزة* مستنبطة من قول الله تعالى في المنافقين: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ} [محمد: ١٦] !
قال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله:
(وفي هذا فائدةٌ عظيمةٌ -يعني من قول المنافقين “ماذا قال آنفًا”- مع قُربهم منه ومن قوله عليه الصلاة والسلام، -آنفًا يعني قريبًا- “ماذا قال آنفًا” دليلٌ على أنَّ الله جل وعلا حَجَبَ عنهم حِفظَ الحديث، لئلا يقال: في الرواة من هو منافق! *حفظًا للسُّنة النبوية!* يعني ما يَقَرُّ في قلوبهم شيء! “ماذا قال آنفًا”؟
لأنه لو قُدِّر أنه حفظ الحديث -هذا المنافق- وأدَّاه أو أَخَلَّ بأدائه، لذُكِرَ في كتب الرواة، ثم احتُجَّ على أهل السُّنة أنَّ في الرواة منافقًا! *لكنَّ الله جل وعلا أخبر عنهم أنهم لا يحفظون شيئًا مما يتعلق بالشرع!* ولذلك يقولون: “ماذا قال آنفًا”؟
*وهذه فائدة عزيزة يُتَنَبَّهُ لها!)*
“الشريط رقم ٩٧ من شرح كتاب بدء الوحي من صحيح البخاري”
منقول
تتمة:
في صحيح البخاري عن حذيفة – رضي الله عنه – وهو صاحب سر رسُول اللّه ـ صَلَى اللّه عليه وسَلّم ـ العالم بأعيان المنافقين وأسمائهم – :(ما بقي من المنافقين إلا أربعة).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في” منهاج السنة”:
وينبغي أن يعرف أن المنافقين كانوا قليلين بالنسبة إلى المؤمنين، وأكثرهم انكشف حاله لما نزل فيهم القرآن، وغير ذلك”.
انتهى
وقال الدكتور محمد محمد أبو زهو في كتابه (الحديث والمحدثون) وهو يتحدث عن بداية دخول الوضع والكذب على السنة : “” كانت السنة النبوية في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مصونة من تقول الكذابين، محفوظة من دجل المنافقين، وذلك أنه فوق وجوده -صلى الله عليه وسلم- بين ظهراني المسلمين. يقضي على الخرافات والأكاذيب، فإن الوحي ما زال ينزل عليه، وكثيرا ما كان يفضح سر المنافقين، لذلك لم يجرؤ أحد أن يتقول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم ـ في حياته، فلما كان زمن الشيخين احتاطا كثيرا للأحاديث، وأرهبا المنافقين والأعراب من التزيد فيها كما سبق لك بيانه …”.
انتهى
وقال المرداوي في “التحبير شرح التحرير” (4/1995) :” قَالَ الْحَافِظ الْمزي: من الْفَوَائِد أَنه لم يُوجد قطّ رِوَايَة عَمَّن لمز بالنفاق من الصَّحَابَة – رَضِي الله عَنْهُم ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في “منهاج السنة النبوية” (8/474) :” وَالصَّحَابَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالَّذِينَ يُعَظِّمُهُمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدِّينِ : كُلُّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِهِ ، وَلَمْ يُعَظِّمِ الْمُسْلِمُونَ -وَلِلَّهِ الْحَمْدُ -عَلَى الدِّينِ مُنَافِقًا ” انتهى .