شبهات لنصراني يطعن بها في آيات قرآنية يزعم أن فيها تناقضاً وتعارضاً

السؤال

طرح عليّ أحد المسيحيين هذا السؤال فأريد إجابة له حتى أرسله إليه :

لماذا تربطون حياتكم وأقداركم بكتاب مليء بالتناقضات والأخطاء – ويقصد بذلك القرآن – ؟! إن هذا المسيحي يواصل ويقول : تقولون إن الله يقول ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ، وهو فعلاً مليء بالاختلافات والتناقضات ، لذلك فهو ليس من عند الله ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :

يقول القرآن في سورة ” البقرة ” ( لا إكراه في الدين ) ، ثم نجد في غير ما موضع آخر أنه يحث اتباعه المسلمين على قتل المشركين ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، وغيرها من الآيات المتعددة التي تحث على قتل المخالفين في الدين .

وفي مواضع أخرى مثل سورة ” الشعراء ” يذكر أن فرعون هلك بالغرق ، بينما يذكر في سورة يونس ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية .. ) فأيهما الصحيح .. ؟! .

وفي سورة ” النجم ” قوله ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، وفي ” التكوير ” قوله ( ولقد رآه بالأفق المبين ) ، وهذه آيات تدل على أن محمَّداً رأى ربه ، في حين أنّا نجد ما ينافي ذلك في سورة ” الأنعام ” ( لا تدركه الأبصار .. ) وفي سورة ” الشورى ” ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً .. ) فما الصحيح ؟! .

ثم نجد في سورة ” مريم ” ( وإن منكم إلا واردها .. ) بمعنى أن جميع الخلق سيدخلون جهنم لبعض الوقت بما في ذلك المسلمون دون استثناء ، ثم نجد أنه يشير ضمناً في سورة ” آل عمران ” أن من قتل مجاهداً فإنه لا يجري عليه هذا الحكم ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة .. ) فأين الرأي الصحيح في هذين القولين ؟! .

ونجد أن القرآن يتناقض تناقضاً واضحاً عندما يذكر طعام أهل النار ، ففي ” الغاشية ” يقول ( ليس لهم طعام إلا من ضريع .. ) ثم يقول في ” الحاقة ” ( ولا طعام إلا من غسلين ) ، ثم نجده في سورة ” الصافات ” يقول عندما يصف فاكهة أهل النار ” الزقوم ” ( فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ) ، فهذه ثلاثة أقوال متناقضة ! .

– فكيف أرد عليه في كل هذه الادعاءات ؟ أرجوا تزويدي بالإجابة مفصّلة .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

ليست هذه بأول محاول للنيل من كتاب الله تعالى والطعن في آياته بالتناقض والتعارض ، فقد سبق من هذا كثير ، وجميع من فعل ذلك باء بالخسران المبين ، ولو كان كتابنا الذي آمنّا بأنه منزَّل من عند ربنا تعالى فيه بعض ما في كتب اليهود والنصارى من التحريف والتعارض والتناقض لكنّا أول الكافرين به ، ولكن أنَّى له ذلك وقد تكفَّل الله تعالى نفسه بحفظ كتابه الكريم إلى قيام الساعة ليكون حجة على الناس بما فيه من حق وصدق .

ولو أن ذاك النصراني – وغيره – قرأ وتأمل أول الآية التي ساقها في عدم وجود اختلاف في القرآن الكريم لما احتاج إلى تجميع تلك الشبهات ليطعن من خلالها بالقرآن الكريم ، والعرب الأوائل والمعاصرون منهم فيهم علماء وعقلاء وأدباء وبلغاء وهم يقرؤون القرآن الكريم ولم تكن مثل هذه الآيات عندهم متعارضة متناقضة ، وقد يقفون عند بعضها مستشكلين لبعض معانيها ، لكن سرعان ما يزول هذه الإشكال إذا تدبَّر أحدهم بآيات القرآن أو رجع إلى المفسرين والراسخين في العلم ، وأول الآية التي ساقها ذاك النصراني أولاً يحث الله تعالى فيها على تدبر آياته إذ يقول ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) ثم قال الله تعالى بعدها ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/ 82 ، ولذا فلو أنه تدبَّر آيات القرآن لما وجد بينها اختلافاً لا كثيراً ولا قليلاً ، ولو كلَّف نفسه ورجع إلى كلام الراسخين في العلم لما وجد في القرآن تناقضاً أو تعارضاً ، ولذا فكل مَن خلت قراءته للقرآن من تدبر – وبخاصة إذا كان صاحب هوى – فمِن الطبيعي أن يجد ما يظنه تعارضاً أو تناقضاً بين آياته ، ولكن الحقيقة والواقع أن هذا التعارض والتناقض إنما هو في ذهنه وفي فهمه لا أنه في آيات الله تعالى المُحكمة ، وكل أحد يكتب كتاباً لا يستطيع إلا أن يعتذر في أوله بأن من وجد نقصاً فليعذر مؤلفه ، ومن وجد خطأ فليستر عليه ولينبه مؤلفه ، ولذا تجد كل كتاب يُطبع أكثر من مرة تجد فيه عبارة ” مزيدة ومنقحة ” ! أما كتاب الله تعالى فإن من يفتح الصفحة الأولى منه يجد قوله تعالى ( الم . ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ ) البقرة/ 1 ، 2 ، وقد كانت هذه الافتتاحية سبباً في إسلام بعض عقلاء من النصارى لما رآه من افتتاحية جليلة تدل على أن قائل حروفها ليس من البشر ، وأنه لا يمكن لبشر أن يقول مثل هذا الكلام في كتاب ألَّفه ، فعلموا بعد قراءتهم لآيات القرآن أنه كلام رب العالِمين ، ولذا فإن الخلل هو في نقص التدبر ، وبه نعلم أن ذِكر الحث عليه في أول هذه الآية ليس لغواً إنما كان لحكمة جليلة .

قال ابن القيم – رحمه الله – :

ولهذا ندب الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ؛ فإنَّ كلَّ مَن تدبره : أوجب له تدبرُه علماً ضروريّاً ويقيناً جازماً أنه حق وصدق بل أحق كل حق وأصدق كل صدق ، وأن الذي جاء به : أصدقُ خلق الله وأبرهم وأكملهم علماً وعملاً ومعرفة ، كما قال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) ، وقال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد/ 24 ، فلو رفعت الأقفال عن القلوب : لباشرتها حقائق القرآن واستنارت فيها مصابيح الإيمان وعلمت علما ضروريّاً يكون عندها كسائر الأمور الوجدانية من الفرح والألم والحب والخوف أنه من عند الله ، تكلَّم به حقّاً وبلَّغه رسولُه جبريل عنه إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ” مدارج السالكين ” ( 3 / 471 ، 472 ) .

والقرآن الكريم – لمن تدبَّره – خال من اختلاف التعارض والتناقض ، وما كان ظاهره الاختلاف فهو من ” اختلاف التلاؤم ” ، وهو لاختلاف الحال أو الزمان أو الشخص ، وهو ما يمكن الجمع بين آياته بكل يسر وسهولة وعندما يفعل الباحث ذلك سيتبين له وجه جديد في إعجاز كتاب الله الحكيم .

قال أبو بكر الجصاص – رحمه الله – :

فإن الاختلاف على ثلاثة أوجه : اختلاف تناقض : بأن يدعو أحد الشيئين إلى فساد الآخر ، واختلاف تفاوت : وهو أن يكون بعضه بليغاً وبعضه مرذولاً ساقطاً ، وهذان الضربان من الاختلاف منفيان عن القرآن ، وهو إحدى دلالات إعجازه ؛ لأن كلام سائر الفصحاء والبلغاء إذا طال – مثل السور الطوال من القرآن – لا يخلو من أن يختلف اختلاف التفاوت ، والثالث : اختلاف التلاؤم ، وهو أن يكون الجميع متلائماً في الحُسن كاختلاف وجوه القراءات ومقادير الآيات واختلاف الأحكام في الناسخ والمنسوخ ، فقد تضمنت الآية الحض على الاستدلال بالقرآن لما فيه من وجوه الدلالات على الحق الذي يلزم اعتقاده والعمل به . ” أحكام القرآن ” ( 3 / 182 ) .

وأوضح مثال على هذا الاختلاف المتلائم – ولعله لو وقف عليه ذاك النصراني لأضافه إلى قائمته ! – أن الله تعالى ذكر في كتابه خلق آدم ، فمرَّة يذكر أنه خلقه من ماء ، ومرة من تراب ، وثالثة من طين ، ورابعة من صلصال ، فهل هذا من التناقض والتعارض ؟! بل هي مراحل في خلق آدم – وقد فصَّلنا فيها القول في جواب السؤال رقم ( 4811 ) – ولو كان ذلك تناقضاً لسبق إلى الطعن فيه أئمة اللغة والبلاغة من الكفار في زمن نزول الوحي ، ولكنهم احترموا عقولهم فلم يتعرضوا للقرآن من ناحية بلاغته وإعجاز نظمه ، بل كانت آياته سبباً في إسلام كثيرين ، وكيف لا وهو ( هُدى للنَّاس ) .

ثالثاً:

وبعد تلك المقدمة فإنه يسهل علينا – بتوفيق الله – أن نجيب ذاك النصراني على ما استشكله من آيات القرآن وظنه تعارضاً أو تناقضاً أو اختلافاً غير متوائم ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ هل سيراجع نفسه فيما قال ؟ وهل سيكون لذلك أثر طيب على عقله وقلبه ؟ إننا لنرجو – صادقين – أن نرى أثر ذلك عليه إيماناً بكتاب الله تعالى أنه محكم في آياته ، وأنه حق وصدق ، وأنه كلام رب العالِمين ، وإننا لنرجو – صادقين – أن تكون تلك الأجوبة سبباً في إسلامه ، وإن لم يكن ذلك فعلى الأقل يزداد المؤمن إيماناً بصدق كلام ربِّه تعالى ويضيف علماً إلى علمه .

رابعاً:

وأما الرد التفصيلي على ما ذُكر من الآيات : فنقول :

  1. أجمع علماء الإسلام على أن قوله تعالى ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) البقرة/ ا256 ليس على عمومه ، وأنه لا يدخل فيه صنف من الناس بالإجماع ، وهو : المرتد .

قال ابن حزم – رحمه الله – :

وأما قول الله تعالى لا إكراه في الدين فلا حجة لهم فيه , لأنه لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها ; لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه . ” المحلى ” ( 1 / 188 ) .

ويعني هذا : أن المرتد هو الذي أجمع علماء الأمة الإسلامية على إكراهه على الإسلام بعد أن كان مسلماً ثم خرج منه ، وفي هذا حفظ لدين الله تعالى من العابثين به والمستهزئين .

وأجمع علماء المسلمين على أنه لا يخرج من الآية : اليهودي والنصراني والمجوسي.

ويعني هذا: أنه لا يجوز إكراه اليهودي والنصراني والمجوسي على الإسلام.

وقد اختلف العلماء في المشرك العربي هل يُكره على الإسلام فيُخيَّر بين الإسلام أو القتل أو لا ، والراجح من أقوالهم : أنه يلحق بمن ذكرنا من أصناف الكفار، وأنه لا يجوز إكراهه على الإسلام ، وقد ثبت نصٌّ صريح في صحيح مسلم بهذا الحكم.

عن بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ … وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ … فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ … ) . رواه مسلم ( 1731 ).

قال ابن القيم – رحمه الله – في فوائد حديث بريدة – :

ومنها : أن الجزية تُؤخذ من كل كافر ، هذا ظاهر هذا الحديث ، ولم يستثن منه كافراً من كافر ، ولا يقال هذا مخصوص بأهل الكتاب خاصة ؛ فإن اللفظ يأبى اختصاصهم بأهل الكتاب ، وأيضاً : فسرايا رسول الله وجيوشه أكثر ما كانت تقاتل عبدة الأوثان من العرب ، ولا يقال إن القرآن يدل على اختصاصها بأهل الكتاب ؛ فإن الله سبحانه أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال المشركين حتى يعطوا الجزية ، فيؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن ، ومن عموم الكفار بالسنَّة ، وقد أخذها رسول الله من المجوس وهم عبَّاد النار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان . ” أحكام أهل الذمة ” ( 1 / 89 ) .

وعليه : فإن من شملته الآية في عدم جواز إكراهه على الدخول في الإسلام : فإنه لا يقاتَل – بالقطع واليقين – لأجل أن يدخل فيه ، ولذا فلن يكون معنى القتال الذي في قوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) التوبة/ 5 أنه قتال حتى يسلم أولئك الكفار ، وإنما المعنى الصحيح للآية أنه أمر بقتال الكفار الذين يسعون لقتال المسلمين وغزوهم في ديارهم ، وكذا هو قتال لمن وقف حائلاً بين المسلمين وبين تبليغ دين الله تعالى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث لأهل الأرض جميعاً ونحن مأمورون أن نبلغ هذا الدين ولا نكره أحداً على الدخول فيه ولكن لا يُسمح لأحد – إن كان عند المسلمين قوة – أن يقف حائلاً دون أن يبغ الدعاة المسلمون الإسلام للناس ، وفي زماننا هذا لا نحتاج لمثل هذا لسهولة الوصول لأهل الأرض بأيسر طريق ، ولعدم ممانعة أحد من دخول المسلمين في ديارهم ، فليس ثمة حاجة لمثل هذا الحكم الآن .

وهذا الخلل في فهم آيات الله تعالى هو نتاج عدم التدبر في معناها وعدم الجمع بين نصوص الشرع ، فيظن القارئ أن النص على عمومه وهو ليس كذلك ، أو أنه على إطلاقه وهو ليس كذلك ، وما أكثر ما يقع الخلل نتيجة انعدام التدبر في نصوص الوحي ، والآية الثانية التي ذكرها النصراني مثال صالح لهذا ، فقوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) هل هو على عمومه ليشمل الأنثى والطفل والشيخ الكبير من المشركين؟ والجواب على ذلك : لا ، لا يشملهم ، وقد ثبت النص بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل يشمل بعمومه المعاهَدين من الكفار ؟ والجواب : لا ، لا يشملهم ، وكذا لا يشمل المستأمِنين الذين قال الله تعالى في حقهم ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ ) التوبة/ 6 .

فصار معنى الآية واضحاً بعد ذلك أن القتال إنما هو في حق المحاربين من الكفار ، وفي حق من تجهز لقتال المسلمين وفي حق من منع المسلمين من تبليغ دينهم وقاتلهم على ذلك ، وبذا تُفهم الآية وتُفهم الأحاديث الواردة في السنَّة التي جاءت بمثل ما جاء في الآية .

قال ابن العربي المالكي – رحمه الله – :

قوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) عامٌّ في كل مشرك ، لكنَّ السنَّة خصَّت منه من تقدم ذكره قبل هذا من امرأة ، وصبي ، وراهب ، وحُشوة – حسبما تقدم بيانه – وبقي تحت اللفظ : مَن كان محارباً أو مستعدّاً للحرابة والإذاية ، وتبيَّن أن المراد بالآية : اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم . ” أحكام القرآن ” ( 4 / 177 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وُيُؤتُوا الزَّكَاة ) مراده : قتال المحاربين الذين أذن الله في قتالهم ، لم يُرد قتال المعاهَدين الذين أمر الله بوفاء عهدهم. ” مجموع الفتاوى ” ( 19 / 20 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً – :

القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله ، كما قال الله تعالى ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة/ 190 . ” مجموع الفتاوى ” ( 28 / 354 ) .

خامساً:

  1. وأما ما ظنه تعارضاً أو تناقضاً بين إخبار الله تعالى عن فرعون أنه مات غرقاً وبين قوله تعالى ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) يونس/ 92 : فهو عجيب ، فغرق فرعون يقين لا شك فيه ، وقد مات في هذا الغرق وهلك هلاكاً بيِّناً ، والسؤال لذاك النصراني : هل كل من يهلك في البحر غرقاً تأكله أسماك القرش وتضيع جثته في قاع البحر أم يمكن أن يموت غرقاً ثم تطفو جثته وتنجو من التحلل والضياع ؟ والجواب اليقيني منه هو الثاني وهو الواقع المشاهد في غرقى الطائرات التي تقع في البحار وغرقى السفن وغيرهما ، ونقول له : هذا ما حصل بالضبط لفرعون ، فقد قضى غرقاً في البحر وجعل الله تعالى جثته تطفو على البحر ليتأكد بنو إسرائيل من هلاكه ، وهي حكمة بالغة حيث كان يدعي ذاك الأفَّاك أنه ربهم الأعلى ! فكان من المناسب إظهار تلك الجيفة للناس حتى يتأكد لهم حقيقة هذا الرب المزعوم ، وحتى ينقطع الخوف من قلوب ضعاف الناس الذين يمكنهم تصديق أنه غاب ليعود بعد فترة من الزمن ، وما أكثر تصديق الناس ضعاف الدين والعقول لهذا ، ومعنى ( نُنَجِّيك ) في الآية : الرفع والطفو ، وهي من ” النجو ” ، ولو كانت بمعنى النجاة فليست هي النجاة من الموت يقيناً وإنما هي نجاة البدن من الضياع في قاع البحر أو من أكل حيواناته له ، ولو تدبَّر قوله تعالى ( نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ ) لعلم أن هذا الجملة لا تُستعمل في النجاة من الموت بل هي تستعمل لنجاة البدن نفسه ، ولو كانت نجاة فرعون من موت لكان ذِكر ( ببدنك ) لغو، وليس هذا حال كلام الله تعالى .

سادساً:

  1. ومما رآه ذاك النصراني تناقضاً وتعارضاً بين آيات القرآن : قوله : إن قوله تعالى ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) النجم/ 18 ، وقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23 أنهما في إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه عز وجل في المعراج ! وأن هذا يتناقض ويتعارض مع قوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الأنعام/ 103 ، ومع قوله ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/ 51 ! .

والرد عليه من وجوه :

أ. رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه بعيني رأسه يقظة لم تثبت في الشرع لا في آية ولا في حديث ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك صراحة فلم يثبت الرؤية وأخبر أن حجاب الله تعالى النور يحول دون رؤيته عز وجل ، فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ” هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟ ” قَالَ ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ) رواه مسلم ( 178 ) .

بل قال صلى الله عليه وسلم إن أحداً لن يرى ربَّه في الدنيا ، ففي صحيح مسلم – ( 7540 ) – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

ولهذا اتفق سلف الأمة ، وأئمتها ، على أن الله يُرى في الآخرة ، وأنه لا يَراه أحدٌ في الدنيا بعينه . ” مجموع الفتاوى ” ( 2 / 230 ) .

نعم ، قد حصل خلاف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ذاته لرب العالمين في المعراج لكن لم يثبت ذلك بدليل صحيح صريح .

وقال ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله – :

لم يرد نصٌّ بأنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين رأسه ، بل ورد ما يدل على نفي الرؤية ، وهو ما رواه مسلم في ” صحيحه ” عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ) ، وفي رواية ( رَأَيْتُ نُوراً ) ، وقد روى مسلم أيضا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ ، فَقَالَ ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ ، ( وَفِي رِوَايَةٍ : النَّارُ ) ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) ، فيكون – والله أعلم – معنى قوله لأبي ذر ( رَأَيْتُ نُوراً ) : أنه رأى الحجاب ، ومعنى قوله ( نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ) النور الذي هو الحجاب يمنع من رؤيته ، فأنَّى أراه ؟ أي : فكيف أراه والنور حجاب بيني وبينه يمنعني من رؤيته ؟ فهذا صريح في نفي الرؤية ، والله أعلم . ” شرح العقيدة الطحاوية ”  ( ص 163 ) .

وقد اشتد نكير عائشة رضي الله عنها على من ادعى أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه ليلة المعراج ، فعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا أُمَّتَاهْ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ  صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ ؟ فَقَالَتْ : لَقَدْ قَفَّ شَعَرِى مِمَّا قُلْتَ ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاَثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ : مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدً صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ . رواه البخاري ( 4574 ) ، ورواه مسلم ( 177 ) بنحوه .

ومن قال إنه صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه تعالى فلا يريد الرؤية بعيني الرأس بل الرؤية بالفؤاد ، فقد روى مسلم – ( 258 ) – عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) قَالَ : ” رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ ” .

وليس ثمة إشكال في رؤية الفؤاد ، وأما رؤية العين فقد أجاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم أنها لم تقع ، وأما الاستدلال بقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) : فقد أجاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً بأنه جبريل.

قال ابن القيم – رحمه الله – :

وقد تبيَّن أن المرئي فيها جبريل ، فلا دلالة فيها على ما قاله ابن عباس .

” التبيان في أقسام القرآن ” ( ص 158 ) .

وهذا هو التحقيق في المسألة ، فيكون من استدل بشيء من آيات القرآن الكريم على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه غير مصيب ، وليس ثمة تعارض بين نصوص الوحي ، والحمد لله رب العالمين .

ب. ظنَّ تابعي جليل – وهو مسروق – أن قوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم/ 13 – وقد استدل بها قبله ابن عباس كما سبق – ، وقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) التكوير/ 23 هما في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه تعالى حتى أبانت له عائشة رضي الله خطأ كلامه وأنها هي بنفسها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الآيتين فقال لها ( إنما ذاك جبريل ) فعُلم خطأ من استدل بالآيتين على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه تعالى ، والعجيب أن عائشة رضي الله عنها قد ردَّت عليه بالآيتين اللتين ذكرهما ذاك النصراني ! .

عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ : يَا أَبَا عَائِشَةَ ” ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ ” قُلْتُ : مَا هُنَّ ؟ قَالَتْ : ” مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ ” قَالَ : وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ ، فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) ؟ فَقَالَتْ : ” أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ) ، فقَالَتْ : أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ( لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) ، أَوَ لَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) ؟ “. رواه مسلم ( 177 ) .

ج. وأما قوله تعالى ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) النجم/ 18 : فليس فيها مجال للاستدلال على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه بل لو قيل العكس لكان هو الصواب ؛ إذ ليس ثمة أعظم من رؤية الله تعالى فكيف يُعدل عن ذكرها ليُذكر رؤية آيات كبرى ؟! وأي الأمرين أولى بالتنصيص عليه ؟! .

قال ابن خزيمة – رحمه الله – :

وليس هذا التأويل الذي تأوَّلوه لهذه الآية بالبيِّن ، وفيه نظر ؛ لأن الله إنما أخبر في هذه الآية أنه ( رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) ، ولم يُعلم الله في هذه الآية أنه رأى ربَّه جل وعلا ، وآيات ربِّنا ليس هو ربنا جل وعلا ، فتفهموا لا تغالطوا في تأويل هذه الآية . ” كتاب التوحيد ” ( ص 296 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله – :

وقوله ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) كقوله ( لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ) طه/ 23 أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا ، وبهاتين الآيتين استدل مَن ذهب مِن أهل السنَّة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع ؛ لأنه قال ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) ، ولو كان رأى ربَّه لأخبر بذلك ، ولقال ذلك للناس . ” تفسير ابن كثير ” ( 7 / 454 ) .

د. وهل يسلم لعائشة رضي الله عنها استدلالها بالآيتين على عدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربِّه ؟! هذا محل بحث ونظر ، والمهم في كلام عائشة رضي الله عنها نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرئي مرتين هو جبريل عليه السلام وهذا كافٍ لنقض استدلال من استدل بالآيات على رؤيته لربه تعالى ، وكون استدلالها بالآيتين أنه لا يسلم لها له بحث آخر حيث لم يرتض ذلك منها طائفة من العلماء ، ومنهم الإمام ابن خزيمة كما ذكره في كتابه ” التوحيد ” ( 2 / 557 – 559 ) ، وإنما أردنا بذلك أن نبيِّن لذاك النصراني – ولغيره – أنه ليس ثمة تناقض ولا تعارض بين آيات القرآن ، فليس في الآيتين الأوليتين إثبات رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الآيتين الأخريتين نفي للرؤية ! فالآية الأولى فيها نفي الإدراك ، هو الإحاطة ، وليس هو نفي مطلق الرؤية ، والصحيح أنها في رؤية المؤمنين ربَّهم يوم القيامة .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – :

( لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ ) لعظمته وجلاله وكماله ، أي : لا تحيط به الأبصار وإن كانت تراه  وتفرح بالنظر إلى وجهه الكريم ، فنفي الإدراك لا ينفي الرؤية ، بل يثبتها بالمفهوم ؛ فإنه إذا نفى الإدراك الذي هو أخص أوصاف الرؤية : دلَّ على أن الرؤية ثابتة ؛ فإنه لو أراد نفي الرؤية لقال ” لا تراه الأبصار ” ونحو ذلك ، فعُلم أنه ليس في الآية حجة لمذهب المعطلة الذين ينفون رؤية ربهم في الآخرة ، بل فيها ما يدل على نقيض قولهم . ” تفسير السعدي ” ( ص 268 ) .

والآية الثانية هي في أنواع تبليغ الله تعالى لرسالاته ، وليس فيها نفي الرؤية ؛ إذ لا يلزم من التبليغ بالوحي الرؤية ، ولا يلزم العكس كذلك ، وقد كان ذلك مجرد استنباط من عائشة رضي الله عنها كحالها مع الآية التي قبلها.

ويكفينا في النفي ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنها ، والله الموفق .

سابعاً:

  1. ومن اعتراضات ذلك النصراني على القرآن ادعاؤه التناقض بين قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ) مريم/ 71 ، والتي معناها – عنده – : ” أن جميع الخلق سيدخلون جهنم لبعض الوقت بما في ذلك المسلمون دون استثناء ” ! وقوله تعالى ( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) آل عمران/ 157 ، والتي تشير – عنده – ضمناً ” أن من قتل مجاهداً فإنه لا يجري عليه هذا الحكم ” ! .

والجواب على ذلك : أن يقال له : إن آية ” آل عمران ” لا تُعارض آية ” مريم ” ولا تعني – البتة – عدم تحقق ” الورود ” الوارد ذِكره في ” مريم ” لأنه حق اليقين ، وهو قطعي في الحصول من غير ريب ، ومما يدل على ذلك : ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ) . رواه البخاري ( 1193 ) ومسلم ( 2632 ) .

وقد فسَّر الإمام البخاري رحمه الله معنى ( تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ) بقوله في نهاية الحديث : ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) .

قال النووي – رحمه الله – :

قال العلماء : ( تحلة القسم ) ما ينحل به القسم ، وهو اليمين ، وجاء مفسراً في الحديث أن المراد قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) ، وبهذا قال أبو عبيد وجمهور العلماء ، والقسم مقدَّر ، أي : والله إنْ منكم إلا واردها ، وقيل : المراد قوله تعالى ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ) مريم/ 68 . ” شرح مسلم ” ( 16 / 180 ) .

وإذا تبيَّن لنا أنه لا معارضة بين الآيات وأن ” ورود النار ” حق على كل الخلق حتى لو كانوا مسلمين ! فيبقى علينا معرفة ما معنى ” الورود ” المذكور في آية ” مريم ” ، فنقول : أقوى ما قيل في معنى الورود المذكور في آية ” مريم ” قولان :

الأول : أنه ورود بمعنى الدخول ، وأنه سيسلم المتقون من حرِّها ولهيبها ، ويُبقي رب العالمين فيها الظالمين من الكفار والمستحقين للعذاب من المسلمين فيها ، أما الكفار فعذاب إلى الأبد ، وأما المسلمون فعذاب إلى أمَد ، والدليل على ذلك ما جاء بعد تلك الآية من قوله تعالى ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) مريم/ 72 ، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ، ويرجحه الشيخ الشنقيطي ، فلينظر كلامه – لمن أراد التوسع – في تفسيره ” أضواء البيان ” ( 3 / 478 – 481 ) .

الثاني : أنه ورود خاص بالموحدين من المسلمين سواء كانوا من أصحاب الطاعات أم من أصحاب المعاصي ، وهذا الورود ليس هو الدخول في النار بل هو المرور فوقها ، ويكون ذلك المرور على ” الصراط ” ، وهو جسر يُنصب على جهنم يمر عليه المسلمون فقط فمِن ناجٍ ومن مكردس في النار ، وأما الكفار فلا يمرون على الصراط لأنهم سيدخلون جهنم  مباشرة قبله داخرين ، وهذا قول ابن مسعود رضي الله عنه ، ويرجحه كثير من المحققين .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – :

واعلم أن الناس منقسمون إلى : مؤمن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ، ومشرك يعبد مع الله غيره ، فأما المشركون : فإنهم لا يمرون على الصراط إنما يقعون في النار قبل وضع الصراط . ” التخويف من النار ” ( ص 233 ) .

فالورود – على هذا القول الثاني – إن جاء في حق المسلمين – كما في آية ” مريم ” حيث قال تعالى ( وإنْ مِنْكُم ) – فهو بمعنى المرور فوق جهنم ، وأما الورود الوارد في حق الكفار فهو بمعنى الدخول فيها .

فالورود ورودان ، ورود مع دخول في الشيء ، وورود مع مقاربة ووصول وإشراف من غير دخول في الشيء ، وكلا المعنيين جاء في كتاب الله تعالى ، فأما الأول : فهو في حق أهل الوعيد من الكفار وأصحاب المعاصي ، وفي هذا يقول تعالى ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ . لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ) الأنبياء/ 98 ، 99 ، ويقول تعالى – أيضاً – ( وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) هود/ 98 .

قال ابن رجب – رحمه الله – :

فإن الإنسان إذا قُرن في العذاب بمن كان سبب عذابه كان أشد في ألمه وحسرته . ” التخويف من النار ” ( ص 99 ) .

وقال القرطبي – رحمه الله – عن الشمس والقمر – :

وقد يُجمعان في نار جهنم ؛ لأنهما قد عبِدَا من دون الله ، ولا تكون النار عذاباً لهما ؛ لأنهما جماد ، وإنما يُفعل ذلك بهما زيادة في تبكيت الكافرين وحسرتهم . ” تفسير للقرطبي ” ( 19 / 97 ) .

وأما الورود بالمعنى الثاني : فمنه قوله تعالى ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ) القصص 23 ، ومنه قوله تعالى ( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ) يوسف/ 19 .

وبما أن آية ” مريم ” هي في حق الجميع من المسلمين فسيكون الورود فيها على المعنى الثاني ، وأما المعنى الأول فليس هو في حق جميع المسلمين ، بل في حق من استحق منهم الدخول فيها ، ويشترك معهم في ذلك الكفار .

قال الشيخ عمر سليمان الأشقر – حفظه الله – :

ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بورود النار المذكور في قوله تعالى ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ) مريم/ 71 هو دخول النار ، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه ، وكان يستدل على ذلك بقول الله تعالى في فرعون ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ) هود/ 98 ، وبقوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) مريم/ 86 ، وقوله ( لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا ) الأنبياء/ 99 ، وروى مسلم الأعور عن مجاهد ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) قال : داخلها .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالورود هنا : المرور على الصراط ، يقول شارح الطحاوية : ” واختلف المفسرون في المراد بالورود في قوله تعالى ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) مريم/ 71 ما هو ؟ والأظهر والأقوى أنه : المرور على الصراط ، قال تعالى ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم/ 72 .

وفي ” الصحيح ” أنه صلى الله عليه وسلم قال ( وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) قالت حفصة : فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) فقال ( أَلَمْ تَسْمَعِيهِ قال ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا .

وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله ، بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه يقال : نجاه الله منهم ، ولهذا قال تعالى ( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا ) هود/ 58 ، ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا ) هود/ 66 ، ( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا ) هود/ 94 ، ولم يكن العذاب أصابهم ولكن أصاب غيرهم ، ولولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة لأصابهم ما أصاب أولئك ، وكذلك حال الوارد على النار ، يمرون فوقها على الصراط ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيّاً ، فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور أن الورود هو الورود على الصراط “. انتهى .

والحق : أن الورود على النار ورودان : ورود الكفار أهل النار ، فهذا ورود دخول لا شك في ذلك ، كما قال تعالى في شأن فرعون ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) هود/ 98 ، أي : بئس المدخل المدخول .

والورود الثاني : ورود الموحدين ، أي : مرورهم على الصراط على النحو المذكور في الأحاديث . ” القيامة الكبرى ” ( ص 267 ، 268 ) .

وسواء قيل بالقول الأول أم بالثاني – وهو الأقرب عندنا للصواب – فليس ثمة تعارض بين نصوص الوحي ، والحمد لله رب العالمين .

ثامناً:

  1. ثم نقلتَ عن ذاك النصراني ظنه التعارض والتناقض في الآيات المخبرة عن طعام أهل النار ، وأنه قد جاء في ” الغاشية ” قوله تعالى ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) الغاشية/ 6 ،

وجاء في ” الحاقة ” قوله تعالى ( وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) الحاقة/ 36 ، وأنه تعالى في موضع ثالث في أكل أهل النار من ” الزقُّوم ” يقول ( فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) الصافات/ 66 ، وأنه يعتقد أن هذه الآيات متناقضة ! .

والجواب عليه : أن أهل النار أقوام شتى وكفرهم متفاوت وهم يمرُّ عليهم أزمان مديدة ، فقد يكون ليس لكل قوم أو أصحاب دركة من دركات النار طعام إلا أحد ما ذُكر من الغسلين أو الضريع أو الزقوم ، أو يقال : إنه يمرُّ عليهم جميعاً زمان محدد لا يأكلون فيه إلا الضريع ، وزمان آخر لا يأكلون فيه إلا الغسلين ، وزمان آخر ثالث لا يأكلون فيه إلا الزقوم ، وكل من يعرف أن أهل النار أصناف وهم في دركات مختلفة ويعلم أنهم لابثون في جهنم إلى الأبد لا يشق عليه أن يعرف جواب هذا الإشكال .

قال القرطبي – رحمه الله – :

( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) ، وقال هنا ( إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) وهو غير الغسلين ، ووجه الجمع : أن النار درَكات فمنهم من طعامه الزقوم ، ومنهم من طعامه الغسلين ، ومنهم من طعامه الضريع ، ومنهم من شرابه الحميم ، ومنهم من شرابه الصديد . قال الكلبي : الضريع في درجة ليس فيها غيره ، والزقوم في درجة أخرى .

ويجوز أن تُحمل الآيتان على حالتين، كما قال: ( يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ). ” تفسير القرطبي ” ( 20 / 31 ) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – :

قوله تعالى ( وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) ظاهر هذا الحصر أنه لا طعام لأهل النار إلا الغسلين ، وهو ما يسيل من صديد أهل النار على أصح التفسيرات ؛ لأنه ” فِعلين ” من الغسل لأن الصديد كأنه غسالة قروح أهل النار ، أعاذنا الله والمسلمين منها .

وقد جاءت آية أخرى تدل على حصر طعامهم في غير الغسلين وهي قوله تعالى ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) ، وهو الشِّبرق اليابس على أصح التفسيرات ، ويدل لهذا قول أبي ذؤيب :

رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى … وَصَارَ ضَرِيعًا بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ

 وللعلماء عن هذا أجوبة كثيرة أحسنها عندي اثنان منها :

الأول : أن العذاب ألوان ، والمعذبون طبقات ، فمنهم من لا طعام له إلا من غسلين ، ومنهم من لا طعام له إلا من ضريع ، ومنهم من لا طعام له إلا الزقوم ، ويدل لهذا قوله تعالى ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحِجر/ 44 .

الثاني : أن المعنى في جميع الآيات أنهم لا طعام لهم أصلاً لأن الضريع لا يصدق عليه اسم الطعام ولا تأكله البهائم فأحرى الآدميون ، وكذلك الغسلين ليس من الطعام ، فمَن طعامه الضريع لا طعام له ، ومَن طعامه الغسلين كذلك ، ومنه قولهم ” فلان لا ظل له إلا الشمس ” ، و ” لا دابة إلا دابة ثوبان ” يعنون القمل ، ومرادهم : لا ظل له أصلا ، ولا دابة له أصلا ، وعليه فلا إشكال ، والعلم عند الله تعالى .

” دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ” ( ص 243 ، 244 ) .

وأخيراً نوصي الأخ المسلم السائل بهذا الكتاب الذي أحلنا عليه أخيراً ؛ ففيه ردود شافية وافية على كل ما يُظن أنه تعارض أو تناقض بين آيات القرآن ، وحبذا أن يقدِّم نسخة منه هدية لذاك النصراني ، ونوصيك – أيضاً – بعدم الدخول في معترك النقاش والجدال مع أهل الباطل ؛ لأن الأمر يحتاج منك لمزيد علم بالشرع ، وتدرب على قوة في المحاججة ، ونرى أنك أحسنت بعرض شبه ذلك الرجل على موقعنا ، ونحن نرجو أن يستفيد مما ذكرناه له وعسى أن يعلم أن كتاب الله تعالى محفوظ في حروفه وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنه لو كان من عند غير الله لوجدنا نحن فيه اختلافا كثيراً ، وعسى الله أن يهديه للإسلام كما هدى مَن قبله ممن أراد الطعن في القرآن وعندما نظر في آياته أبهرته كلماتها ومعانيها ولم يجد له عذراً في عدم إعلان إسلامه فنطق بالشهادتين فربح دنياه وآخرته .

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة