أجوبة على تساؤلات، ردود على إشكالات، توضيح لمقالات، فيما جرى من مناقشات، حول #كارثة_الطوفان (7)
كارثة الطوفان ( 7 )
الحمد لله
٦. ومن حق الباحث المطلع أن يسأل ما سر أن يكون من أهداف الطوفان قضية “التطبيع مع اليهود”، والافتخار فيما بعده أن من أعظم نتائج الطوفان (وقف قطار التطبيع) – قاله مشعل وهنية -.
وهنا ملاحظات مهمة :
أ. لماذا كان الهدف (وقف قطار التطبيع) وليس (إلغاء معاهدات التطبيع)؟ وبالطبع لا تستطيعون حتى قول ذلك بألسنتكم لأنه سيشمل دولا تدعمكم ماليا وتقيمون فيها شخصيا.
ب. هل يستحق هذا الهدفُ الثمنَ الباهظ من دماء وأعراض وممتلكات أهلنا في غزة؟ لو خُيّرنا بين أن يُقتل مسلم واحد أو تُهدم الكعبة لاخترنا هدم الكعبة! فكيف لهدف سياسي تختارونه ليدفع أهلنا في غزة هذا الثمن الباهظ لأجل عيون إيران، أو لمغامرة شخص نزق.
ج. ولماذا كان التطبيع مع اليهود منكرا ومحرما جريمة [وهو كذلك]، ولا يكون كذلك التطبيع مع إيران المجرمة والتي فعلت بالمسلمين أضعاف أضعاف ما فعله الصهاينة؟ إن قلتم نراها مصلحة لنا فكذلك ستقول لكم الدول المطبعة مع الكيان، بل إنهم يزعمون أن تطبيعهم مع اليهود لمصلحة الفلسطينيين! .
د. وتعجب أيها القارئ عندما تعلم أنه حتى التطبيع مع الكيان الصهيوني هو حرام عندهم على دول (لا تريد إيران لها التطبيع مع الكيان الصهيوني) وحلال على من كان على منهجهم أو كان ممن يدعمهم.
والواقع أن جماعتهم في “المغرب” قد طبّعت مع اليهود يوم تولى رئاسة الوزراء فيها (الإخواني سعد الدين العثماني) -في ٢٢/ ١٢/ ٢٠٢٠ م- في صورة قبيحة يظهر فيها “كوشنر” (صهر ومستشار ترامب) عن يمينه وأمامه علم أمريكا، ثم مائير بن شابات (رئيس الأمن القومي الصهيوني) بقبعته اليهودية وأمامه علم الكيان الغاصب، وكان التطبيع هدية مقابل اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية! فما أرخصه وما أقبحه من سبب، و العثماني هذا له مقاطع يندد فيها بالمطبعين! وله مقال نشر في عام ١٩٩٦ م عنوانه (التطبيع إبادة حضارية) وخذ من التنظير ما شئت ومن التخوين لغيرهم ما شئت حتى إذا صاروا في السلطة رموا كل ذلك وراء ظهورهم والتحقوا بالمركب الأمريكي واليهودي مقدمين مصالحهم على كل شيء، وقوله بعد أن انتهى حكمه إنه كان (قرار دولة) لا يجعله معذورا فالاستقالة كانت الحل لهذا الخزي، ولولا أنهم يعرفون أنهم بلا مبادئ لا يمكن لمن فوقهم أن يعرضوا عليهم الأمر من أصله.
ولتقرأ معي ما قاله الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي (زياد نخّالة) -شريك حماس في الطوفان- عن اللعب والعبث في المواقف مع المطبعين وذلك في مقابلة نشرت بتاريخ ٢/ ٨/ ٢٠٢١ قال عن حماس والتطبيع – تعقيبا على زيارة وفد من حماس بقيادة (هنية) للمغرب بعد شهر من تطبيعها مع الكيان الصهيوني- : (محنا زحفانين على “المغرب” اللي معترفة بإسرائيل ومطبعة مع إسرائيل وعلاقات مع إسرائيل إلها ٥٠ سنة وبنزحف! عشان يستقبلونا ونتغدى عندهم مثلا! بنروح بنسحب حالنا على دول معترفة بإسرائيل ودول تدعم إسرائيل بنروح ناخذ هوية منهم… ولاّ مسموح للمسلم يطبع ونسكت عليه ولّي مش عامل إسلامي إذا طبّع بنفضحه؟ مش هيك، غلط)!
وهكذا هي مواقفهم مع المطبعين الذين يستفيدون منهم كقطر أو كتركيا (والتي بلغ حجم التداول السنوي مع الكيان الصهيوني ٦ مليار دولار ونصف قسم كبير منها في السلاح ومشتقاته وأصوله).
وهذا ما قاله زياد نخالة ونص كلامه (الحركة الإسلامية في حالة مخاض كبير، عشان هيك دائما تلاقي “حماس” الزفة شغالة والمكان! لأنه فش عندهم شي يحكوه… مشبطين في “الطيب أردوغان” ومشبطين بـ “قطر” في هون في أي إشي).
فيا أيها العقلاء هل هذا يعقل؟ لأجل إيقاف تطبيع دولة مع اليهود أتسبب بقتل (٥٠ ألف) مسلم، وأتسبب بـ (١٠٠ ألف) جريح (معظمهم مشاريع موت)، عدا عن الدمار الكامل والخطف والسجن والتعذيب والتهجير؟ هل وسّد الأمر لأهله؟ وليستعد للحساب كل عالم وطالب علم ترك الأمور دون بيان وإنكار، وتوضيح وتبيين؛ فإن هؤلاء يفعلون ما يفعلون باسم الإسلام، وأنتم ترونهم قد تسببوا بهذه الكارثة ورقعوا لها فيما بعد، فيفتحون المجال لكل مغامر أو نزق يقيم قتالا ويسيل دماء ثم يصرخ أين المسلمون وأين النصرة،يريد أن يفرض واقعا ويطلب من المسلمين في الأرض أن يتبعوه وينصروه وإلا كانوا صهاينة أو مثبطين أو مخذلين، ثم يأتيك مشتغل بالعلم وللأسف ليقول هذه معركة إسلام وكفر! وهذه الطائفة المنصورة! ولا والله ما صدق في الأمرين، وقد سبق لأسامة بن لادن أن قسم الناس لفسطاطين إيمان لا نفاق فيه وفسطاط كفر، وطلب من المسلمين الالتحاق بفسطاط الإيمان! فهل فعلتم؟ وماذا كان قولكم؟ وعلى منواله مشى البغدادي زعيم الدواعش فقسم العالم إلى فسطاطين إسلام وإيمان وكفر ونفاق!.
فلا يجوز لأحد كائنا من كان أن يفرض على المسلمين معركته مع أي عدو كان ثم يصنف الملتحقين به و المتخلفين عنه على هواه، فلا معركته ملزمة لأحد ولا قسمته صحيحة ولا تصنيفه يهمنا أو يخيفنا، هي معاركهم لا معارك الإسلام وكل واحد يسعى لمجده ومجد طائفته.
هـ. والواقع أنهم يقصدون دولة بعينها وأنهم اعتقدوا أنهم أوقفوا تطبيعها مع الكيان الصهيوني وهي (السعودية) والحقيقة أن الذي يريد هذا التخريب لتطبيعها مع الكيان الصهيوني هي (إيران)! ومع تصريح (هنية) بأن هذا من أهداف الطوفان فقد صرح خامنئي أخيرا بعد مرور (٩ أشهر) على الطوفان بهذا! (ولهذا كان من مصلحته عدم وقف الحرب ففي اليوم نفسه صرح بأنه ليس مع وقف الحرب).
فقد نقلت” الجزيرة نت” عن خامنئي قوله:
إن عملية “طوفان الأقصى” كانت ضرورية للمنطقة، إذ أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني وسيطرته على المنطقة. انتهى.
ونقلت” روسيا اليوم “:
قال المرشد الإيراني علي خامنئي: إن عملية “طوفان الأقصى ” أفشلت مشروعا أميركيا غربيا لتغيير المعادلات من خلال التطبيع مع إسرائيل. انتهى.
وذلك أنه من شروط تطبيع السعودية مع الكيان الصهيوني إنشاء مفاعل نووي في بلدها (وفي مقال في موقع “بي بي سي”: ( يرى كثير من المراقبين أن تزويد الولايات المتحدة للرياض بالخبرات والتقنيات اللازمة لإنتاج طاقة نووية هو مطلب سعودي رئيسي مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل) انتهى.
وهو ما جعل إيران تجن جنونها وحاولت منع ذلك ورأت أن حماس هي خير من يقوم بتخريب ذلك، فلا عجب أن ورطتها بـ “وحدة الساحات” و”غرفة عمليات مشتركة” مع أذرعها الشيعية، وأجبرتها على الصلح مع سوريا الأسد وأجبرت الأسد على قبول ذلك ليقع ما وقع من الكارثة الكبرى على الشعب الغزي المسكين، وقد كان قال أحد القادة بما معناه (إذا تعرضت إيران لاعتداء فسنكون في الصف الأول في الدفاع عنها!)، ولا يصلح لهذه المهمة أفضل من “السنوار” إيراني الهوى والذي أثنى على بشار والحوثيين، وسيكون لنا وقفات مع هذا القائد الفذ!.
ولو قال قائل إن هذا هو الهدف (الجزئي) الوحيد للطوفان الذي كتب له النجاح لما كان بعيدا، وللأسف أنه على حساب تدمير غزة بالكامل واحتلالها، وقتل وجرح (١٥٠) ألف مسلم، عدا عن المفقودين ومن لا يزال تحت الأنقاض، ولا يزال عدّاد القتل والإصابات والأذى والضرر قائما لم ينقطع.
قال موقع “فرانس ٢٤”: (وقبل اندلاع الحرب في غزة، كانت السعودية قد طلبت من واشنطن تمكينها من امتلاك برنامج مدني نووي مقابل تطبيع العلاقات مع تل أبيب لكن الحرب في غزة أجلت النقاشات.
ونقلوا عن عصام ملكاوي، أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية في جامعة عمّان، أن “عملية طوفان الأقصى أغلقت ملف تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل وهو ما جعل السعودية تشعر أن بإمكانها الضغط على الإدارة الأمريكية في هذا الملف الذي يمثل حاجة انتخابية ملحة لإدارة الرئيس جو بايدن الذي يريد أن يقول إنه أنجز شيئا ما قبل نهاية ولايته الأولى) انتهى.
* ولا يخفى أن كل هذا هو (لتأجيل) التطبيع وليس (لإلغائه) وهذا كله نتيجة (العمالة) العلنية لإيران، ووصف ذلك عند كل دول العالم هو (الخيانة العظمى).
– والأمر مؤلم غاية الألم وهو واقع مر لابد من معرفته.
* تنبيه: الكلام عن التطبيع للدول (الموجود والقادم) سياسي وواقعي بحت، ولا علاقة له بالحكم الشرعي، وكلٌّ ينطلق من مصلحة بلده، ومنفعته، وما أسهل حصولهم على فتاوى شرعية وترقيعات سياسية لفعلهم.
حرر يوم الثلاثاء 26/12/1445 هـ الموافق 2/7/2024 م